مؤسسة دينية تشيّد مجمعات ومراكز صحية للفقراء وتعد برامج تعليمية لأكثر من (1200) يتيما


لا غرو ان نجدَ المشاريع الانسانية في أولويات المرجعية الدينية العليا، كما ليس من الغريب ان تقفز تلك المشاريع بجميع ما تقدمه في مفاصل الحياة الإنسانية، ساعيا في حفظ حياء الفقراء، ورعايةً الأيتام بكفالة التعليم والجانب الصحي لهم، ومن هذه المشاريع الانسانية المنبثقة من فيض عطاء المرجعية الدينية العليا هي مؤسسة الإمام الرضا (عليه السلام) الخيرية احد تلك المشاريع الحية التي اقدمَ على تأسيسها حب الخير للناس وطلب الراحة والامان للفقراء وضمان مستقبل زاهر للأيتام لا سيما ابناء الشهداء الابرار..    

 

مجمع الإمام الرضا (عليه السلام) السكني أول مجمعات المؤسسة

لكل مشروع انساني بداية ينطلق منها ودوافع تقتضي إقامته وفق خطىً مدروسة، وقد تحدث عن دوافع وغايات واهداف مؤسسة الامام الرضا (عليه السلام) الخيرية الاستاذ (مرتضى سالم) مسؤول قسم الادارة، قائلا: ان بداية التأسيس كانت في عام 2009م بدوافع انسانية بحتة متمثلة في الاغاثة والرعاية الصحية والاجتماعية للعوائل المتعففة وعوائل الايتام وعوائل الشهداء، كما ان المساعدات التي تقدمها المؤسسة للعوائل لا تقتصر على اهالي محافظة كربلاء المقدسة فحسب؛ انما جميع المحافظات العراقية.

مشيرا الى ان عمل المؤسسة يتمثل في توفير المتطلبات التي تحتاجها العوائل المتعففة سواء كانت أجهزة كهربائية أو منزلية او سكن  او رعاية اجتماعية أو صحية فضلا عن مساعدتهم في تسيير معاملاتهم المتوفقة في الدوائر الحكومية لحين انجازها.

وتابع: في عام 2010م وضعت المؤسسة حجر الاساس لبناء مجمع  سكني خاصة بالفقراء والمحتاجين، وقد حمل أسم مجمع الامام الرضا (عليه السلام) السكني في منطقة الروضتين قرب مركز مدينة كربلاء المقدسة، بمساحة تصل الى (دونمين) يضمّ (٦٠) شقة بمساحة 100م2 لكل شقة، وقد سكنت فيه العوائل في عام 2015م، وهو اول المشاريع الكبيرة للمؤسسة.

واضاف سالم: ان اغلب العوائل الساكنة في مجمع الامام الرضا (عليه السلام) السكني هم من اهالي كربلاء لأن ضوابط الاسكان في المجمع تتطلب من العائلة تقديم طلب الى (رئيس المؤسسة) لغرض السكن في المجمع، بعد ذلك يتم الايعاز بأجراء كشف عن هذه العائلة والتحري عن مقدمي الطلب من الناحية الامنية والجوانب الاخرى الدقيقة لضمان ابتعاد هذه العائلة عن المشاكل القانونية او الاجتماعية، وتأكيد صدق ادعائهم بعدم امتلاكهم بيت او مُعيل، وبعدها يتم وضع العائلة حسب التسلسل وتوفير سكن لهم، كما تعمل المؤسسة على توفير جميع الخدمات التي تحتاجها العوائل بدءاً من الجانب الامني والخدمي والصحي وانتهاءً بالخدمات الاجتماعية ومن بينها اصلاح ذات البين المتمثلة في معالجة المشاكل التي تحدث بين الزوج وزوجته.

 

بذرة أولى لمشروع تربوي وتعليمي مهم يشهد اليوم انتقالة نوعية في تعليم اليتم وتنشئته وطنيا وعقائديا

ولتفاصيل اكثر زار موقع الإمام الحسين (عليه السلام) الدولي، بين اروقة التعليم والتكافل المتسمة بمدارس المؤسسة الابتدائية والثانوية للأيتام وبين مراكزها الصحية والسكنية، وكانت اول لقائتنا مع السيد سعد الدين هاشم البناء المشرف على مدارس الايتام في المؤسسة: ان الخطوة الاولى لبناء مدرسة خاصة بالإيتام جاءت بعد ان تبرع احد الاخوة الخيرين بقطعة ارض وحددها بأن تكون مدرسة للأيتام، وهذا الحدث كان في عام (2009 ـ2010م)، وجاءت الموافقة على تشييدها من قبل سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي مؤسس مؤسسة الامام الرضا (عليه السلام) والمشرف عليها، بعد زيارته الميدانية للمكان المخصص مع مجموعة من المسؤولين، وكان اعتماد تشييدها على الواردات المالية للمؤسسة التي تأتي من الحقوق الشرعية والمتبرعين من داخل وخارج العراق.

وتابع البنّاء: هناك مجاميع كثيرة من المتبرعين من خارج العراق نعمل على تنظيم زيارات ميدانية لهم للاطلاع على المشاريع التي شاركوا في تشييدها او قيد الانجاز من اجل زيادة الثقة بين المؤسسة والمتبرعين من جهة كذلك بيان دورهم الفعلي في مساعدة هذه الفئة المحتاجة، وبأذنه تعالى تم تشييد مدرسة السيدة رقية (عليها السلام) المختلطة للأيتام بأربعة طوابق وبمساحة وصلت الى (800 متر)، وضمِّ الطابق الاول والثاني للأيتام البنين، بينما جاء الطابق الثالث والرابع للأيتام البنات.

مؤسسة الامام الرضا ترعى اكثر من 1200 طالب يتيم في كربلاء المقدسة

واضاف البناء: بسبب اكتفاء مدرسة السيدة رقية (عليها السلام) بعدد الطلبة وكثرة طلبات العوائل للتسجيل فيها عملت المؤسسة على شراء عرصة مجاور لها وبنفس المساحة وقد تم تشييدها بالكامل بأربعة طوابق، ليأتي العمل بعدها على تخصيص مدرسة السيدة رقية (عليها السلام) للبنات، ومدرسة علي الاصغر (عليه السلام) للبنين، بعد ذلك تم وضع دراسة للحصول على إجازة لمدرسة ثانوية وبالفعل جاءت الموافقة الاصولية واستحصال الاجازة بشكل رسمي ليصبح لدى مؤسسة الامام الرضا (عليه السلام) الخيرية التابعة لممثليه مكتب السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) مدرستين ابتدائيتين هما علي الاصغر والسيدة رقية (عليهما السلام) ومدرستين ثانويتين بنفس الاسماء، وقد وصل عدد الطلبة المسجلين في المدارس الاربعة الى (1190ـ1200) طالب وطالبة، وفي الشهور السابقة تم شراء قطعة ارض بمساحة وصلت الى (126) متر مربع، من اجل ان تكون مركز طبيا لعلاج الطلبة الايتام وذويهم، وبعون الله تعالى ستشهد الاسابيع القادمة افتتاح المركز بشكل رسمي، ان شاء الله. 

واشار البنّاء الى أن جميع الخدمات التي تقدمها المؤسسة في مدارسها بدءا من وسائل النقل والكتب وقرطاسية وانتهاء بالغذاء والملابس وغيرها تأتي للأيتام بشكل مجاني فضلا عن وجود مساعدات مالية تقدم لبعض الطلبة المحتاجين بين فترة واخرى.

يَدُ الخيرِ تسهم بتوسعة مشاريع المؤسسة التعليمية والتربوية

وتابع: تبرع احد الاخوة المُحسنين بدار ومشتمل في منطقة حي الحسين (عليه السلام) في مدينة كربلاء المقدسة، وقد استخدم هذا المكان ليكون روضة للأطفال الايتام، وبعد فترة وجيزة وهب أحد الاخوة الخيرين قطعة ارض بمساحة (1250) متر مربع، لأنشاء مدارس للأيتام، وبالفعل تبنت العتبة الحسينية المقدسة مشروع إنشاء ومدرسة بخمسة طوابق في منطقة البوبيات باسم اولاد مسلم (عليهم السلام) وبمساحة (1250) متر مربع، وقد تم الحصول على الموافقات الرسمية من قبل وزارة التربية، ويجب التنويه على ان احدى الاخوات من خارج العراق قد تبرعت بمبالغ مالية من اجل نشاء مركز طبي للأيتام وذويهم خاص بعلاج الاسنان، وقد تم تحديد مكان المركز في نفس المدرسة، وقد وصل المشروع ان نسب انجاز عالية، كما تبنت العتبة الحسينية المقدسة الى جانب مدرسة اولاد مسلم انشاء روضة خاصة للأيتام.

واضاف البناء أن الجهات المسؤولة في مؤسسة الامام الرضا (عليه السلام) لم تكتفِ بالمناهج الدراسية المقررة للطلبة، بل عملت على اضافة دروس إثرائية تتعلق في الفقه والعقائد والاخلاق وحفظ وتلاوة القرآن الكريم، فضلا عن تنظيم اسبوع ثقافي ترفيهي للطلبة خلال العطلة الصيفية متمثلا بالزيارات الميدانية الى بابل والاطلاع على آثارها والتجول في الملاعب الرياضية مع زيارة بعض العتبات المقدسة في العراق، وغيرها من الانشطة التي تساعد الايتام على الخروج من الضغوط النفسية والمجتمعية، كذلك عملت المؤسسة على تقديم انشطة تشجيعية لطلبة مدرسة الامام علي الاصغر (عليه السلام) الثانوية من خلال استضافتهم في جامعة وارث الانبياء (عليه السلام) التابعة للعتبة الحسينية المقدسة والتجول في اروقتها واللقاء بالأساتذة والطلاب.

إدارة حكيمة.. ونتائج عالية

عن نسب النجاح العالية والمعدلات المميزة التي حققتها مدرستي علي الاصغر والسيدة رقية (عليهما السلام) في المراحل المنتهية وغير المنتهية تحدث البنّاء: ان طريقة اختيار الكوادر التدريسية في مدراس علي الاصغر والسيدة رقية (عليهما السلام) للابتدائية والثانوية يعتبر سرّ ارتفاع نسب النجاح والمعدلات المتميزة في المراحل المنتهية وغير المنتهية كون آلية اختيارهم جاءت وفق معايير وضوابط مدروسة وضعتها اللجنة المتخصصة في الاختيار، ومن تلك المعايير هي إقامة امتحان تنافسي تحريري للمتقدمين بطلب التعيين، وإعطاء الافضلية للمتقدم على التعيين اذا كان  يمتلك خبرة سابقة في مجال التعليم اي سبق وان عمل مدارسا كذلك كاريزما المتقدم لها اثر مهم في التقديم، كما يضاف لها وجوب اتصاف المتقدم على التعيين بالرحمة والحنان والابوة أي مراعاة الطرق والاساليب الطيبة في التعامل مع الطلبة كونهم ايتام ويجب ان يكون التعامل معهم بشكل يختلف عن الطلبة في المدارس الاعتيادية، وغيرها من المعايير والضوابط التي وُضِعت خدمةً لهذه الفئة، ويمكن القول بأن اليتيم في مدارس مؤسسة الامام الرضا (عليه السلام) أصبح يمتلك ثقافة ومعلومات وسلوك قد تغيب عن الطفل غير اليتيم في المدارس الحكومية، كما يجب التنويه عن نجاح ادارة مدارس المؤسسة وتفانيها في استثمار العطل الصيفية لإقامة دورات تطويرية للملاكات التدريسية.

واشار البناء الى ان احدى الاخوات من محافظة كربلاء المقدسة قد تبرعت قبل فترة بقطعة ارض في حي الزهراء، بمساحة تصل الى (دونمين) ولكن لم تحدد هوية هذه القطعة لغاية اللحظة هل ستكون دور سكنية للأيتام ام مدارس؟.  

وفي عودة مع مسؤول قسم الإدارة في المؤسسة تابع القول: على المؤسسة عاتق كبير يتمثل في الجانب التربوي فعملها لم يقتصر على توفير السكن والامور اللوجستية فحسب، بل لها مبادرات كثيرة حرصت من خلالها على توفير مساعدات تشجيعية لأبناء الشهداء بغية الاستمرار بدراستهم، ومشيرا في ذات الوقت الى ان المدرستين الابتدائيتين والثانويتين لا تضم ابناء العوائل الساكنة في مجمع الامام الرضا (عليه السلام) السكني فحسب؛ بل جميع الايتام وابناء الشهداء المسجلين بالمؤسسة في مختلف مناطق محافظة كربلاء المقدسة.

صحيا: للمؤسسة مراكز صحية متخصصة، وعمليات جراحية بالتنسيق مع مستشفيات العتبة الحسينية المقدسة

وتحدث سالم عن الامور المتعلقة بالجانب الصحي في المؤسسة من خلال قسم الرعاية الصحية احد اذرع المؤسسة العامل في توفير خدمات صحية للأيتام والفقراء والعوائل المتعففة، فقال: من الخدمات التي يتم توفيرها في المراكز الصحية التابعة للمؤسسة هو إجراء العمليات وكذلك فحص العيون ومشاكل الاسنان وغيرها اضافة الى التنسيق مع إدارة مستشفى سفير الامام الحسين (عليه السلام) ومستشفى الامام زين العابدين (عليه السلام) التابعتين للعتبة الحسينية المقدسة او عبر مركز السيدة زينب (عليها السلام) لفحص العيون الكائن في مجمع سيد الشهداء (عليه السلام) والتابع لمؤسسة الامام الرضا (عليه السلام)، او من خلال مجمع الامام الحسين التخصصي الكائن في منطقة حي الموظفين بمحافظة كربلاء، اضافة الى قيام شعبة الرعاية الصحية في المؤسسة بأرسال بعض الحالات الى مركز وعد الله الطبي لفحص الاسنان الواقع في مدينة الامام الحسن (عليه السلام) للزائرين.

وتحدث كريم عزيز خضير مسؤول قسم العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة الامام الرضا (عليه السلام): ان المؤسسة تمتلك مجموعة من الاقسام والشعب ولكل واحد منها مهام ووظائف مختلفة، ومنها قسم العلاقات والاعلام وقسم الرعاية الاجتماعية الذي يضمُّ شعبة المتابعة، وشعبة التسجيل وشعبة الرعاية الصحية وشعبة التأهيل النفسي.

لوجستيا: توفير المساعدات وتثقيف وتأهيل عوائل مجمع الإمام الرضا (عليه السلام) والطلبة الايتام عقائديا وفكريا

واضاف خضير: بعد اكمال اجراءات تقديم الطلب من قبل شعبة التسجيل يأتي عمل شعبة المتابعة ودورها بالكشف الميداني للعائلة المتقدمة بطلب الاسكان، وتوفير المساعدات بدأ من الاجهزة الكهربائية والمتمثلة في الثلاجة والسخان والمدافئ كهربائية وغيرها من الاجهزة منزلية الضرورية، وهناك متابعة دورية لهذه العوائل كل ثلاث اشهر للعوائل للوقوف على احتياجاتهم الاخرى.

مشيرا الى ان العاملين في المؤسسة اضافة على عملهم اللوجستي المتمثل في تقديم المساعدات المالية والعينية للعوائل المسجلة في المؤسسة، فأنهم يسعون الى تثقيف وتطوير العوائل والابناء وتأهيلهم نفسياً واجتماعياً ودينياً، وهناك مساعدات وخدمات العينية والمالية والتربوية والنفسية والاجتماعية والدينية، من بينها اقامة ندوات تثقيفية وتوعوية ومحافل قرآنية للعوائل في المؤسسة، كذلك اقامة ندوات توعوية وتثقيفية للطالبات التابعات لمدرستي السيدة رقية (عليها السلام) للابتدائية والثانوية، من بينها الندوة التي اقيمت بالتعاون مع مديرية الامن الوطني حول الابتزاز الالكتروني للطالبات في مدرسة السيدة رقية الثانوية والتي لاقت استحان المشاركات وولدت انطباعات ايجابية لديهن.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك