الاديبة نعمت ابو زيد:  القرآن الكريم وضع أسساً تربوية واجتماعية جمّة


 

حوار: حنان الزيرجاوي

يُعتبر أدب الأطفال حديثاً (القرن العشرين) نوعاً ما وهو في تطوّر دائم ليتناسب مع المتغيّرات التي تطرأ على واقعنا الاجتماعي والتربوي والتعليمي

النقاوة وصفاء الروح والأحلام الجميلة والبراءة وصدق التعبير والكلام،  تجد هذه الصفات في عالم الطفولة الخالي من شوائب المجتمع، ولكن هذه الصفات ربما تتغير بمرور الوقت لما يكتسبه الطفل من عادات وتقاليد مجتمعية بالإضافة الى العادات الدخيلة على مجتمعنا والتي تهدف الى تدمير مبادئ البراءة, ولحمايتها يتطلب بذل جهود كبيرة من جميع مفاصل المجتمع لما لذلك من دور رئيسي في تشكيل واقع مجتمعاتنا بالمستقبل.

وحول هذا الموضوع أجرى موقع مركز الامام الحسين عليه السلام الدولي حوارا مع المختصة في مجال ادب ومسرح الطفل الكاتبة (نعمت ابو زيد من لبنان) عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكانت الانطلاقة معها بسؤالها عن هويتها، ومن هي نعمت ابو زيد؟

ـــ  انا مُجازة في العلوم التربوية، درست الماجستير في علوم القرآن الكريم والتفسير في جامعة المصطفى العالمية المفتوحة،وحصلت على شهادة  الدبلوم في اللغة الفارسية.

امارس مهنة التعليم منذ 17 عاما, عملت في مجال تحفيظ القرآن الكريم لأكثر من ثلات سنوات ولجان التحكيم،وعضو في نادي الأدب في لبنان، ومستشارة في جامعة المصطفى العالمية المفتوحة_قم.

كاتبة قصة ومسرح للأطفال والناشئة،خضعت للكثير من الدورات العلمية واللغوية والفنية والتقنية في لبنان وإيران،كان آخرها إعداد مدرّب ومنشّط اجتماعي وفي مجال التنمية البشرية, كما وكان لي شرف المشاركة في العديد من المؤتمرات العلمية في لبنان وخارجه.

ما هي الاسباب التي على اثرها اتجهتِ نحو أدب الأطفال ؟

ــ بحُكم تخصُّصي وخبرتي في عالم الطفل ولعلمي بمدى حاجات الطفل النفسيّة والروحية والفكرية،جنح قلمي نحو تلبية هذه الرغبات بما يتناسب معها، فالقصص والمسرحيات ومسرح الدّمى وغيرها من أنواع أدب الأطفال تُسهم في غرس القيم في نفوسهم وتوصل المعلومات إليهم بطريقة جاذبة ومُحببة، كما وتنمّي العديد من جوانب شخصيتهم الحسّية والعقلية والوجدانية ،لذلك يجب أن تُقدّم لهم باحترافية ودقّة عالية لتصل إلى هدفها المنشود. على سبيل المثال كتبت قصص حول قيمة الصّدق، التعاون، معرفة الله، وغيرها، أما المسرح فعالج جانب التكليف والحجاب لدى المكلّفات الصّغار في مسرحية "أسرار" وغيرها ،أو المسرحيات العاشورائية وغيرها من المواضيع الهادفة,وقريبا إن شاء الله ستُبصر بعض هذه الإصدارات النور بما يليق مع قيمنا الإسلامية الراقية.

كيف تنظر مدرسة علوم  القرآنية والتربوية الى الادب, وما هي اضافات الادب الى اللغة العربية؟

- مما لا يخفى علينا أنّ القرآن الكريم هو مصدرٌ لكل العلوم فقد وضع لنا أسساً تربوية واجتماعية جمّة لنسير على خطاها فهو المنهل الذي نستقي منه العلوم الحقيقية،والدراسة القرآنية ضمّت الكثير من الأسس التربوية التي غيّرت الكثير من واقع المجتمع وتربية الفرد ليكون راقياً من كلّ نواحيه وبدّل أنماط التفكير.

أمّا من ناحية الأدب فقد مثّل مظهراً من مظاهر الحياة العقلية والأدبية ‘فقد دقّق ألفاظ اللغة  وأبعدها عن الجفاء والغلظة كما حوّل أساليبها الى العذوبة والسلاسة بأسلوبه البديع الذي لا عهد للآذان ولا للأذهان مثله،ولا زال الأدباء يستقون من فيضه وينهلون من منبعه الفريد, لذلك لا انفصال للأدب والتربية عن القرآن الكريم فإذا تلازموا شكّلوا متانةً تمزج بين العقل والوجدان وارتباطاً وثيقاً مع الخالق المبدع.

دخلت بعض التقاليد والعادات والثقافات على عالمي العربي والإسلامي والتي تؤثر سلبا على ثقافة الأطفال , كيف يمكن للأدب الاطفال مواجهتها؟

ــ يُعتبر أدب الأطفال حديثاً(القرن العشرين) نوعاً ما وهو في تطوّر دائم ليتناسب مع المتغيّرات التي تطرأ على واقعنا الاجتماعي والتربوي والتعليمي ،وهذه التغيّرات تتطلّب جهداً من المختصّين لقولبة هذه الأفكار، ولا شكّ أنّ هذا يستلزم وجود الكثير من النّظريات والكثير من المفكّرين الذين يبحثون وفقاً لعلم نفس الطفل لتتوافق مع استعداداته وميوله لتصل الى مبتغاها الذي يسعى الى تهذيب الحس والذوق الفني وتمرير الأهداف التربوية عبرها.

هل هناك صعوبات تواجهها في كتابة عن عالم الطفولة , و ماهي الاساسيات الضرورية التي يجب ان يمتلكها الكاتب في هذا المجال؟

ـــ إنّ الكتابة للأطفال في أجناسها الأدبية من القصّة ‘الى المسرح والشّعر وغيرها ليست بالأمر السهل، إذ تتطلّب الكثير من الخبرة والشروط والمعارف العلمية والنفسية والإنسانية في كل تخصّصاتها التي تمكّن الكاتب في الولوج في عالم الطفولة واكتشاف ما في حياة الطفل اليومية, ثمّ إنّ الكتابة في أدب الأطفال لا تستند الى الموهبة فحسب وهي ليس علماً يُكتسب فقط ،بل هما معاً فضلاً عن الخبرة الميدانية والممارسة المستمرة, فأدب الطفل بقدر ما هو أداة تثقيفية وتربوية ووسيلة فعّالة من ضروب التنشئة الاجتماعية فإنّ علاقته بالنمو والتعلّم علاقة متبادلة ويستند الى أساسيات من الضروري توافرها في أي كاتب ومبدع في أدب الطفل مثل: الموهبة والرغبة الداخلية ،الثقافة الواسعة في أكثر من مجالات العلوم الإنسانية ودراسات واسعة وميدانية والإيمان بالكتابة للطفل كرسالة تربوية تثقيفية.

كيف نستطيع ان نوجه الاطفال الى السير نحو الثقافات الايجابية وتميزه عن السلبية؟

ــ عالم الطفولة عالمٌ حسّاس، يغفل الكثير عن تفاصيله وجزئيّاته وتأثيراته، فكم من نماذج رأينا تأثير طفولتها جليّاً على مستقبلها إما سلباً أو إيجاباً. ومن خلال دراستي التربوية تعرّضت لعلم نفس الطفل الذي أتاح لي التّعرُّف على حاجات الطفل ممّا دفعني إلى التّوجّه لردم هذه الحاجات بطريقة فنّيّة تثقيفيّة ومحبّبة ، وأدب الأطفال هو خير وسيلة للتوجّه الى عقل وفكر هذا البرعم الصّغير بالشّكل الذي يُحب ويرغب.

تجوالك بين البلدان العربية بين الدرس والمؤتمرات هل شكلت عوالم من اللاستقرار , ام اشعرتك بالغربة؟

ابو زيد - السّفر والتجوّل بين البلدان يُوفّر لطالب العلم فرصةً لاستكشاف الكثير من الأمور عبر التعرف الى ثقافات الآخرين والى أنماط التعايش وإلى توسيع الأفق في التفكير عبر الإحتكاك مع أصحاب الفكر والتّزوُّد من خبراتهم ورواءهم  العلمية بنظري العلم لوحده والكتاب الصّامت لا يكفي ،فالعلماء والمتعلّمون أعتبرهم كتابا متنقّلا ينشرون عبير علمهم ممزوجاً بالخبرات وخلاصات الحياة، ولذلك متعة خاصّة تبرز عند مناقشة موضوع معيّن أو البحث في عناوين علميّة.

لماذا يتمنى كثير من الناس أن يعودوا اطفالا؟

- الطفولة هي المرحلة التي لا يُمكن لأي شخص نسيانها ،وذكرياتها تنطبع داخل العقل والروح بأفراحها ،بأحزانها، بلهوها، بمرحها، بكلّ تفاصيلها ،وترافقنا في كل مراحل حياتنا لتصبح بعدها روايةً جميلةً نحكيها لأطفالنا وكأننا نعيش عصراً ذهبياً فريداً لا يضاهيه شيء ‘وطفولتي كانت بهذه الأوصاف التي لا تفارق الوجدان .

في داخل كلٍّ منا طفلٌ قابعٌ في داخلنا ينتظر لحظة التحرُّر من قيدنا الذي صنعناه لينطلق على شكل حركاتٍ بريئةٍ كاسراً قوانين السّن والرسميات.

كيف يمكن لعالم الطفولة الاستفادة من القران الكريم؟ وهل يضنب العالم يوما ام ينضب الاديب  ؟

- القرآن الكريم كنز معرفي قوي وأصل في معرفة الإنسان وعلاقته بالله والحياة والكون ،يجب أن ينشأ الطفل على سماع القران الكريم , وحفظ  قصار السور , والاستماع الى القصص القرانية التي تناسب عمره باستخدام اساليب الترغيب والإقبال وتشجيع من الوالدين ، فهذه الامور لها انعكاسات الجمّة على صعيد الروح والوجدان التّدبُّر واكتساب اللغة الغنية بالمفردات ثم الى نهل القيم الأخلاقية وغيرها.

العالم والأديب كلاهما ينهلان من نبعٍ لا ينضب الذي هو في مواكبة مستمرّة مع التجدد والتطور والرّقيّ ومجاراة التسارع في النمو الفكري والثقافي.

يقال أن هناك تفاوتا في الاراء حول مسألة أيهما أكثر الرجل أم المرأة؟ فما تقولون في هذا الشأن ولماذا؟

- الإبداع لا يختصر بالرجل أو امرأة، فالمولى سبحانه وتعالى ساوى بينهما من الناحية الفكرية وكثير من الأمور التي_لسنا في صدد ذكرها_وهو يرجع  للفرد نفسه بغضّ النظر رجلاً كان أو امرأة ولكلٍّ فرصته ولا يجب الإحتكار في هذا الصدد بسبب بقايا أفكارٍ جاهليّة أو عنصريّة أو تمييزية , ولكن الأهم أن تتوفّر الظروف للإبداع  والدافعية الداخلية لذلك ،والصورة الراقية التي أراها في المرأة التي توفّر لرجلها الجو الذي يتيح له الإبداع تكون أكثر إبداعاً منه،ونفس الأمر ينطبق على الرجل الذي يخلق لزوجته الجو لييسّر لها الإبداع.

 

التعليقات
تغيير الرمز
تعليقات فيسبوك