أقدّم إعجابي بالنشاط العلمي والاقتصادي والثقافي الذي تقوم به العتبات المقدسة وخاصة العتبة الحسينية في كربلاء.
بهذه الكلمات ابتدأ الأكاديمي الهنغاري د. روبرت مانياس أستاذ التاريخ في الجامعة الهنغاريّة في حوار مع (مجلة الروضة الحسينية), مؤكدأ ان التركيز على هذه الأنشطة يحقق التنمية في كافة جوانبها، ولهذا فقد شعرتُ بأن رسالة العتبات المقدسة هي رسالة انسانية عالمية من خلال ما تقوم به من دعوات ومهرجانات ومؤتمرات وأنشطة ثقافية متنوعة وغير محدودة..
ننتهز فرصة اللقاء بكم للتعرف على مستويات الحرية الدينية والفكرية والثقافية في هنغاريا فما الذي تفيدونا به في هذا المجال؟
بالنسبة لي كمسلم هنغاري فإن الحريات الدينية متاحة في بلدي وهي امر شخصي ولا يوجد مضايقات في هذا الشأن، ولكن لا أخفي انه خلال السنوات القليلة الماضية وبسبب السياسة ومؤثراتها برزت في بلدي دعاية سلبية جداً عن الإسلام وللأسف الشديد الحكومة تساهم في نشر هذه الدعاية السيئة..
والنتيجة أن العديد من الناس أخذوا يصدقون هذه الدعايات، وأعتقد نحن مسؤوليتنا كمسلمين في البلدان الغربية وهنغاريا خاصة مسؤولية كبيرة لكي نعطي صورة حقيقية عن الاسلام المتسامح..
ومن ضمن هذه الدعايات انني عندما قررت زيارة العراق نهاني عن ذلك أغلب اصدقائي فهم يعتقدون ان العراق لا زال ساحة حرب وانني سأكون في خطر كبير إن قرت السفر الى هذا البلد المسلم، لكنني كنت متيقن بأن هذا محض هراء، ولا يعدوا ان يكون دعاية سيئة وسلبية عن هذا البلد العريق والجميل، وسوف أخبرهم عندما ارجع عمّا وجدته من أمان واستقرار وحركة اقتصادية وثقافية تبشّر بخير وتنمية واعدة.
برأيك، كيف نعالج ونصحح الصورة السيئة التي يستمر بنشرها الاعلام العالمي عن الاسلام والدول والمجتمعات المسلمة؟
خلال عملي في التدريس أرى ان مسؤوليتي كبيرة وخاصة فيما وجدتهُ ضمن جولتي الحالية في العراق والمدينة المقدسة كربلاء سوف لن أدّخر جهداً ولا سعة في سبيل التكلم عن الصورة الجيدة والآمنة عن العراق وعن العتبات المقدسة وما تمثله من قيم نبيلة وحقيقية عن الاسلام.. سأشارك في الحوارات على وسائل الإعلام والقنوات الفضائية وسأتكلم عن الصورة الايجابية التي رأيتها رأى العين..
الى أي مدى ساهم تنظيم داعش التكفيري في تشويه صورة الاسلام؟
لقد ساهمت الجماعات والتنظيمات الارهابية وخاصة داعش في نشر صورة سيئة عن الاسلام بشكل كبير، وللأسف في أوربا وهنغاريا خصوصاً بدأ الكلام يكثر عن خطورة هذه الجماعات المحسوبة على الاسلام ظلماً وعدواناً، وهنا بدأت وسائل الاعلام الغربية باستغلال مشاهد العنف والقتل والدمار التي تقوم بها هذه الجماعات لكي تمنح تشويه الاسلام صورة منهجية وبالتالي تشوّه معالم هذا الدين النبيل.
كيف ترى قيم التسامح والاعتدال المطروحة من خلال المهرجانات التي تتبناها العتبات المقدسة في كربلاء ومنها مهرجان ربيع الشهادة العالمي؟
ان التسامح من مميزات الإسلام المحمدي الأصيل، وللأسف فإن الناس في الغرب -وأنا قادم من الغرب- كثير منهم لا يعرف هذه الحقيقة، ولا يعرف أن التسامح والاعتدال من أساسيات الدين الإسلامي، وهذا المهرجان يجسد قيم التسامح الإسلامية فضلاً عن الاعتدال والتعاون بين أبناء المذاهب المختلفة، بل إن أحد أهم أركان هذا المهرجان هو إشاعة خطاب التسامح ونبذ التطرف، خاصةً أن العالم الآن يعيش موجةً من الطائفية والعنصرية والتطرف، وأرى ان هذه المهرجانات وسيلة مؤثرة يمكن من خلالها تصحيح الصورة من جديد.
لقد رأيت في معرض الكتاب الدولي ضمن مهرجان ربيع شهادة اصدارات متنوعة من الكتب والمجلات والكثير من النشاطات التي تركز على تلاقح الأفكار وتفاهم الاعتقادات وانسجام المذاهب وهذه هي النقطة الانسانية المشتركة التي تعد غاية في الأهمية.
ومن جانب آخر، اعتقد أن المشاركين في هذا المهرجان سيعودون الى بلدانهم حاملين معهم رسائل عن الحسين (عليه السلام) ومنهجه، فالمهرجان له أهمية عالمية وصدى طيب في بعض الدول، والمشاركين فيه تجمعهم مشتركات عديدة أولها مبادئ الإمام الحسين (عليه السلام)، فهو لا يخص مذهباً أو ديناً معيناً، وثورته ورسالته ومنهجه الإصلاحي أيقونة لكلّ من يبحث عن الإصلاح.
ماذا تعرف عن الإمام الحسين عليه السلام وكربلاء المقدسة؟
بالنسبة لي كربلاء المقدّسة مكان مهم وتاريخي، لأن تجربة الإمام الحسين (عليه السلام) هي تجربةٌ عالمية لا تقتصر على مذهب دون آخر أو على دين دون آخر أو على بلدٍ دون سواه، بل هي لكل الإنسانيين في العالم ولكل من ينشد الثورة على الاستبداد، وفي زيارتي هذه الى كربلاء المقدسة وجدت أن كل الأعراق والقوميات والمذاهب والأديان تجتمع تحت قبة الإمام الحسين، فالحسين يوحد القلوب، ويوحد الكلمة، ويجمع الكل في سفينة النجاة.. أتمنى من جميع المسلمين أين ما يكونوا أن يسيروا على نهج أبي الأحرار..
لقد شعرت بأن أهمية هذا المكان المقدس ليست محلية وإنما تهم كل البشرية.. انه مكان يدعونا لأن نتوحّد في نقطة مشتركة ألا وهي الانسانية.